بنيات تحتية مع وقف التنفيذ

من ذلك المنعرج، تبدو لك تيفرت نأيت حمزة بطلعتها البهية، وأنت تراها من هناك تحس برعشة العاشق الولهان تدب في ثنايا أعضاء جسمك ..ما أن تصل إلى تلك العقبة التي يشكو منها جميع السائقين حتى يتنامى فيك إحساس بالكآبة، إحساس يعززه أول المستقبلين..

يستقبلك وأنت تدخل القرية مبنى الثانوية الإعدادية الذي يعاني من إهمال :جدران متسخة ،ملعب ملئ بالحفر والأسلاك التي رفضت أن ترقد بسلام في مكانها الطبيعي فخرجت لتسجل استنكارها الشديد، أما المراحيض فحدث ولا حرج، فقد كانت التلميذات يقفزن من فوق السور ليقضين حاجتهن وسط أشجار الغابة المجاورة ..وضع انتبهت إلى خطورته جمعية آباء وأولياء التلاميذ فنبهت رئيس الجماعة وطالبته باستدعاء وإرغام المقاول لإصلاح هذا الخلل ...أمام الآذان الصماء اضطرت الجمعية إصلاح ما أفسده الجشع لتجنب وقوع المحضور أو حصول مكروه لإحدى التلميذات..أما الجناح المخصص للعلوم الطبيعية ففيه شئ غريب..داخل الأقسام تجد الكراسي المصنوعة بالاسمنت طويلة مما يجعل الممرات ضيقة جدا، وضع يجعل الأستاذ غير قادر على الحركة مما يعيق العملية التعليمية أما التلاميذ فلكم أن تتخيلوا معاناتهم اليومية..ما أن تخرج من هناك حتى تجد في وجهك مبنى الجماعة المحلية..يتخيل لك وأنت أمامها انك في حضرة معلمة أثرية بنيت خلال حقبة خلت..جدرانها متسخة من الخارج،أما داخلها فيعطيك انطباعا انك داخل مبنى مهجور ،أبواب مكسورة وأقفال منزوعة، كراسي أو أنصاف كراسي مرمية هنا أوهناك..موظفون يشتكون، هناك من سويت وضعيته وهناك من ينتظر، هناك من هو دائم الحضور وهناك من لا يحضر إلا إذا اخبر بانعقاد دورة أو بحضور لجنة خارجية وهو على هذه العادة منذ سنين..مكتب ممثل وزارة الداخلية مقفل..السيد الخليفة دائم الغياب وكاتبه يصول ويجول بدون رقيب آو حسيب ليستحق بذلك لقب"عون تنفيذ برتبة قائد"..

هذا الجو المكفهر يصيب زائر هذا المبنى بالغثيان والدوار فيسرع إلى تلقي بعض الإسعافات عند الجار الذي لن يكون إلا المستشفى القروي. ما آن تصل إلى هناك حتى يزداد غثيانك وتسقط مغشيا عليه لانعدام ابسط مستلزمات الاستشفاء زد على ذلك أن باب المستشفى دائم الإغلاق والممرضة لا تحضر إلا يوم السوق الأسبوعي..فليذهب أهل تلك البلاد إلى الجحيم إذا فكر احدهم آن يمرض آو فكر أن يصيبه مكروه مفاجئ..كم سيدة أو طفلا أو شيخا قضى نحبه لان مرضا أو حدثا جللا فاجأه ومن سيسعفه اثر الغياب..لنخرج من هذا المستشفى المقبرة لنرتوي بنسمات برد زكية آتية من تاغنبوت الحبيبة التي لا تبخل على أهل القرية بما لذ وطاب...تزودهم بهواء نقي، بحطب يقيهم قسوة الخريف والشتاء، بقمح طري يسكت جوعهم، وبأحضان تتسع لكل من أوجعه هم الدنيا وأراد أن يختلي لبعض اللحظات مع نفسه أو مع صديق حميم..وانأ على هذا الحال وقعت عيناي على فرعية ايت برداهم فأدمعت..قسمان ومسكنان قسا عليهم الزمان وزادهم إهمال المسئولين ليستحقوا صفة اليتم...

تابعت سيري بخطى متثاقلة إلى داخل القرية عساي أجد ما يدفئ الصدر ويكون شعلة صغيرة وسط هذا الظلام الدامس والبارد..وأنا اجر رجلي غير مبال، لفث انتباهي مبنى جميل متقن الهندسة اسمه "دار الثقافة"..قبل أيام زوده مشكورا السيد خلا ألسعيدي، الرئيس السابق للجماعة والرئيس الحالي للمجلس الإقليمي، بالكتب والقصص والكراسي اللازمة إلا أن بابه مقفل على الدوام..جلست على كرسي أسمنتي لأنني أحسست أن رجلي أصبحت غير قادرة على حملي وقلت في نفسي: أهذه لعنة ؟ ماذا أصاب الطبقة المتعلمة في هذه القرية الحبيبة؟ لابد انه مصاب جلل..وقفت وطنين هذه الأسئلة يدوي في أذناي فقصدت مبنى دار الشباب الذي لم يخيب أملي لأنه كره أن يخرج عن القاعدة..جلست وظهري مسند على بابه المقفل لاستمتع برنات صوت فئران تتغزل ببعضها البعض داخل هذا المبنى الفسيح والجميل..خفت أن أزعجها أو أن اقطع عليها خلوتها فقمت لا الوي على شئ ولسان حالي يقول لها بالامازيغية مبتسما"كوني أيد أسوقن وما نكين خس عاونغاكند أبريد"..

إنها بنيات تحتية يمكن أن تخلق دينامية ونشاطا داخل القرية لتصبح عبارة عن أحجار بدون روح..
بنيات تحتية يمكن أن تكون قاطرة للتنمية المستدامة ،لتصبح عبئا وعائقا...
بنيات تحتية استنزفت الملايين لتصبح أسماء مع وقف التنفيذ.....

الم اقل لكم أن التنمية في هذه القرية السعيدة تحتاج إلى فاعلين من طينة خاصة قادرين على الاستثمار في الإنسان عوض الحجر..

المراسل

أخي المراسل ألم يتبادر إلى ذهنك و أنت تدخل المنطقة أنك قد تكون تُهت و دخلت الصحراء و ليس منطقة أطلسية، تراب أحمر تسطع من وسطه صخور ملساء و حجارة يغطيها الوحل في فصل الشتاء، وتنعكس عليها أشعة الشمس في فصل الصيف، كأنها تبكي أيضا على واقعنا الأليم و تعمينا لكي لا نرى بلدة لم تغرس فيها و لا شجرة حتى الأشواااااااك سبحان الله لا توجد.الأشجار تضفي جمالا على المنطقة لكن هيهات فمسؤولو منطقتنا يحاربنا كل ماقد يزين المنطقة يريدننا أن نرحل لتبقى المنطقة لهم يفسدون فيها كما يشاءون.

و الله العلي العظيم اقشعر بدني من كل كلمة خطها قلم المراسل، واقع مرير بالفعل، وللإشارة: في هاته المسألة نحن الملامون وليس الجماعة، أصبنا أيضا بمرض التقاعس و سيطرة الأنا،لماذا لا نشتكي فدار الشباب و دار الثقافة من حقنا و أظن أنهما لم تبنيا لتبقيا أطلالا يراها كل زائر موصدة الأبواب ستمحى مع مرور الزمن،لماذا لا نقترح الاشتغال فيهما و تسييرهما بدون مقابل فليس هنالك مقابل أكثر من تنشئة خلفنا و تربيتهم على حب العلم و الدفاع عن مصالح بلدتهم.نقطة أخرى: الرئيس الحالي للجماعة منعنا في الصيف الماضي من استغلال دار الشباب علما أننا تعودنا استغلاله و قبل أن يكون رئيسا كان يشجعنا على العمل لكن بعد جلوسه على كرسي الرئاسة منعنا من أبسط حقوقنا فنحن لم نطلب منه لا مالا و لا مساعدة طلبنا منه مفتاحا لدار الشباب ولا يستغله في شيء ليكون عذره أنه مشغول و رغم دلك منعنا و السبب مجهول أفترض أنه جعل الساكنة تعيش في جهل أبدي ليفعل بالمنطقة ما يشاء.
أقولها و أكررها دائما أنا لا ألوم الجماعة على أعمالهم الماكرة تجاه المنطقة فنحن من عودناهم على السكوت لذلك يفعلون فينا ما أرادوا، و ليغير أعضاء الجماعة سلوكاتهم يجب أن نغير سلوكاتنا أولا ونتعلم معنى الدفاع عن حقوق المنطقة و عدم السكوت عن المنكر مهما حصل.لنتعلم أن نبدأ التغيير من أنفسنا لكن كما نقول بالأمازيغية-وْسَارْ إينْعيتْ أُوداد غر إيخْفنس-و لاحظوا أنه عندما نشير بأصبع نحو شخص ما فثلاتة أصابع تشير إلينا نحنو هذه مسألة ليست اعتباطية فسبحان الله.